اغلاق
 

كلمة رئيس الوزراء يائير لابيد أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة

محمد محاميد, تم النشر 2022/09/22 21:29

كلمة رئيس الوزراء يائير لابيد أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة:

 

"سيدي الرئيس, سيدي الأمين العام, أيها المندوبون, سيداتي وسادتي,

 

إلتأمت هذه الجمعية العامة في شهر نوفمبر 1947 وقررت إقامة دولة يهودية. عاش في إسرائيل في ذاك الحين عدة ألوف من اليهود في بيئة معادية, مصابون بصدمة وحزن بعد المحرقة التي قتل فيها ستة ملايين من أبناء شعبنا.

 

75 عاما بعد ذلك, إسرائيل هي دولة ليبرالية قوية وآبية ومزدهرة. أمة الستارب اب التي اخترعت ويز والقبة الحديدية وأدوية لأمراض الالزهايمر والباركينسون ورجل آلي يستطيع أن ينفذ عملية جراحية في العامود الفقري, تقود العالم في تكنولوجيا المياه والغذاء وتأمين السايبر والطاقة المتجددة ولها 13 فائزا بجائزة نوبل في الأدب والكيمياء والاقتصاد والسلام.

 

كيف حدث هذا؟ هذا حدث لأننا قررنا ألا نكون ضحية. قررنا ألا نغرق في آلام الماضي بل الارتكاز على أمل المستقبل. قررنا بذل طاقتنا ببناء الدولة ومجتمع سعيد ومتفائل وخلاق.

 

لم نصل إلى أرض الميعاد فحسب بل نبني أرض الميعاد.

 

يحسم التاريخ على يد البشر. علينا أن نفهم التاريخ وأن نحترمه ونتعلم منه, ولكن علينا أيضا أن نكون مستعدين وقادرين على تغييره. علينا اختيار المستقبل دون الماضي والسلام دون الحرب والشراكة دون العزلة.

 

أقامنا قبل عدة أشهر منتدى النقب التاريخي. جلسنا في مأدبة عشاء, ليس بعيدا عن ضريح دافيد بن غوريون, الوالد المؤسس لدولة إسرائيل. كنا ستة: وزير الخارجية الأمريكي ووزراء خارجية مصر والإمارات والبحرين والمغرب وإسرائيل. هذه كانت مأدبة عشاء لم يكن أحد قادرا أن يحلم بأنها ممكنة.

 

وفجأة فتحت الباب ودخل شخص وقال: "أعتذر منكم ولكن وقعت عملية إرهابية

ليس بعيدا عن تل أبيب وتم قتل مواطنيْن إسرائيلييْن". وفي هذه اللحظة أدركنا جميعا أن الهدف من هذه العملية هو تخريب القمة وخلق غضب بيننا وجرنا إلى المجادلة وتفكيك الشراكة الجديدة التي تشكلت بيننا.

 

قلت لوزراء الخارجية: "يتوجب علينا أن ندين هذه العملية الإرهابية, الآن, معا. علينا أن نظهر للعالم أن الإرهاب لن ينتصر".

 

ساد هدوء في الغرفة وعندئذ قال أحد وزراء الخارجية العرب: "نحن دائما ضد الإرهاب ولهذا السبب نحن هنا". وبعد خمس دقائق أصدرنا بيانا مشتركا أدان العملية وقدس الحياة والتعاون وإيماننا بأن هناك طريق آخر.

 

القمة استمرت. تم التوقيع على اتفاقيات. تم تشكيل مجموعات عمل تعمل على قضايا تتعلق بالتكنولوجيا والأمن الغذائي والطاقة والمياه والتعليم والبنى التحتية.

مجموعات العمل هذه تغبر وجه الشرق الأوسط في هذه الأثناء.

 

يجب على سكان الشرق الأوسط ومواطني العالم أجمع أن ينظروا من حواليهم وأن يسألوا أنفسهم: وضع من أفضل؟ وضع من اختار طريق السلام أو من اختار طريق الحرب؟ من اختار أن يستثمر في شعبه ووطنه أو من اختار الاستثمار في تدمير الآخرين؟ من يؤمن في التعليم والتسامح والتكنولوجيا أو من يؤمن بالتطرف وبالعنف؟

 

كل مرة ألتقي شخصا ينتقد إسرائيل, أطرح دائما نفس الجواب: "تعال زرنا". تعالوا والتقوا إسرائيل الحقيقية. ستقعون في حبها. هذه الدولة تدمج بين الابداع والعمق التاريخي. يعيش فيها أناس ممتازون ويوجد فيها طعام لذيذ وروح طيبة. هذه هي دولة ديمقراطية يعيش فيها معا يهود ومسلمون ومسيحيون بمساواة مدنية كاملة.

 

يخدم في الحكومة التي أترأسها وزراء عرب. هناك حزب عربي عضو في ائتلافنا. هناك قضاة عرب في محكمتنا العليا. أطباء عرب ينقذون الأرواح في مستشفياتنا. عرب إسرائيل ليسوا أعداءنا بل شركائنا في الحياة.

 

تعالوا زورونا. ستكتشفون أن إسرائيل تشكل فسيفساء حضاريا مدهشا, من جبال الجولان المثلجة وحتى رمال الصحراء البيضاء في النقب. من تل أبيب عاصمة الهاي تك والحفلات على شاطئ البحر الأبيض المتوسط إلى أورشليم, عاصمتنا التاريخية, المدينة المقدسة للأديان الثلاث التي في شوارعها يلتقي الماضي والمستقبل كل يوم من جديد.

 

ولكن فوق رأس دولتنا العظيمة يحوم تهديدان. إنها تحوم أيضا فوق رأسكم, حتى لو حاولتم انكار ذلك. الأول هو التهديد النووي – الخشية من امتلاك دول إرهابية وتنظيمات إرهابية السلاح النووي. التهديد الثاني هو وفاة الحقيقة.

 

دولنا الديمقراطية تسمم رويدا رويدا على يد أكاذيب وأخبار كاذبة. ساسة جامحون ودول استبدادية وتنظيمات راديكالية تزعزع تصورنا الواقع.

 

من الجدير أن تعلموا أن ليس هناك دولة في العالم تتعامل مع هذه الظاهرة أكثر من إسرائيل. ليس هناك دولة تعرضت أكثر لهجمات بالأكاذيب ولصرف أموال وجهود سعت لترويج معلومات كاذبة عنها.

 

في شهر مايو الأخيرة نشرت في كل أنحاء العالم صورة ملاك الطناني, طفلة فلسطينية تبلغ 3 أعوام, مع خبر فظيع مفاده أنها قد قتلت مع والديها في غارة إسرائيل. كانت هذه صورة تمزق القلب ولكن ملاك الطناني لم تكن موجودة أبدا. تم أخذ هذه الصورة من انستغرام وهي تعود لطفلة روسية.

 

أستطيع أن أعطيكم آلاف الأمثلة عن ترويج أخبار كاذبة عن إسرائيل. الحركة المعادية لإسرائيل تروج هذه الأكاذيب منذ سنوات عديدة في وسائل الاعلام والحرمات الجامعية وشبكات التواصل الاجتماعي. السؤال ليس لماذا هم يقومون ذلك بل لماذا أنتم تصغون إلى ذلك.

 

لماذا تصغون لأناس صرفوا مليارات الدولارات على تشويه الحقائق؟ لماذا تقفون إلى جانب متطرفين إسلاميين يعلقون مثليين على رافعات ويقمعون النساء ويطلقون الصواريخ على تجمعات سكنية مدنية من داخل رياض الأطفال والمستشفيات؟

 

 

لست ضيفا في هذه البناية. إسرائيل هي دولة ذات سيادة وآبية وعضو متساو في الأمم المتحدة. لن نسكت عندما أولئك الذين يبتغون لنا الشر يستخدمون هذا المنبر لترويج الأكاذيب عنا.

 

معاداة السامية هي الاستعداد لتصديق أسواء شيء عن اليهود بدون فحص الحقائق. معاداة السامية هي محاكمة إسرائيل وفق لمعايير تختلف عن كل دولة أخرى.

 

الجهة التي تقود هذه الأوركسترا من الكراهية هي إيران. يتم تصوير متظاهرين في ميادين وشوارع إيران منذ أكثر من 40 عاما وهم يحرقون أعلام إسرائيل والولايات المتحدة. إسألوا أنفسكم: من أين تأتي هذه الأعلام؟ كيف حصلوا على هذه الكمية الكبيرة من أعلامنا؟

 

الجواب: إنهم ينتجونها بشكل خاص لحرقها. هكذا تبدو صناعة الكراهية. هذا النظام ينشغل في الكراهية بشكل ممنهج.

 

إنهم يكرهون حتى أبناء شعبهم. شبان إيرانيون يكافحون النظام الإيراني والعالم يسكت. إنهم يطلقون نداءات الاغاثة في شبكات التواصل الاجتماعي. إنهم يدفعون بحياتهم على طموحهم في عيش حياة من الحرية.

 

النظام الإيراني يكره اليهود والنساء والمثليين والغرب. إنهم يكرهون ويقتلون مسلمين لهم آراء أخرى, مثل سلمان رشدي ومهسا اميني. الكراهية هي حياتهم والوسيلة التي يستخدمونها لابقاء حكم القمع.

 

هناك دولة عضو واحدة في الأمم المتحدة تعلن على الملأ أنها معنية بتدمير دولة عضو أخرى. إيران صرحت مرة تلو الأخرى أنها تريد "تدميرا كاملا" لدولة إسرائيل وهذه البناية تصمت.

 

مما تخافون؟ كل كانت هناك مرة واحدة على مر التاريخ حين وقف الصمت العنف؟

 

 

الدولة التي تريد إبادتنا هي أيضا الدولة التي أسست أكبر تنظيم إرهابي في العالم وهو حزب الله. إيران تمول حماس والجهاد الإسلامي وتقف وراء عمليات ارهابية جماعية من بلغاريا وحتى بوينس آيرس. هذه هي ديكتاتوريا قاتلة تبذل كل جهد ممكن للحصول على سلاح نووي.

 

وإن امتلكه النظام الإيراني – فهو سيستخدمه.

 

السبيل الوحيد لمنع إيران من امتلاك السلاح النووي هو وضع تهديد عسكري صاحب مصداقية أمامها على الطاولة. وعندئذ – وفقط عندئذ – يمكن اجراء مفاوضات على اتفاقية أطول وأكثر صرامة معها. يجب التوضيح لإيران بأن لو عملت على دفع البرنامج النووي قدما, العالم لن يرد بالكلمات بل بالقوة العسكرية. وفي كل مرة تم طرح هذا التهديد سابقا, إيران توقفت وانسحبت.

 

العالم يختار اليوم الخيار الأسهل. إنه يختار ألا يؤمن بالأسوأ, رغم كل الدلائل التي تقول العكس. إسرائيل لن تتمتع بهذا الامتياز. الآن لا نقف بأياد فارغة أمام أولئك الذين يريدون تدميرنا.

 

اليهود يملكون اليوم دولة. لدينا جيش ودول صديقة كبيرة وعلى رأسها الولايات المتحدة. لدينا قدرات ولن نخشى استخدامها. سنفعل كل ما يلزم كي إيران لن تمتلك سلاحا نووية. لن نقف مكتوفي الأيدي أمام من يحاولون قتلنا. ليس مرة أخرى. لن أبدا.

 

قوة إسرائيل الاقتصادية والعسكرية تسمح لنا بالدفاع عن أنفسن ولكنها تسمح لنا بشيء آخر – السعي إلى السلام مع العالم العربي أجمع ومع جيراننا الأقرب وهو الفلسطينيين.

 

إتفاقية مع الفلسطينيين المبنية على أساس دولتين للشعبين – هو الأمر المناسب لأمن إسرائيل ولاقتصادها ولمستقبل أطفالنا.

 

 

السلام ليس مساومة بل أكثر قرار شجاعة نستطيع اتخاذها. السلام ليس ضعفا فهو يجسد في داخله كل قوة الروح الانسانية. الحرب هي استسلام لكل ما هو شر فينا, السلام هو انتصار كل ما هو جيد.

 

رغم كل العوائق, اليوم أيضا الاغلبية الساحقة من الإسرائيليين يدعمون رؤية حل الدولتين. أنا أحد منهم. لدينا شرط واحد فقط: أن الدولة الفلسطينية المستقبلية ستكون مسالمة. يجب عليها ألا تتحول إلى قاعدة إرهاب أخرى تهدد سلامة ووجود إسرائيل. يجب أن تكون لدينا القدرة على الدفاع عن أمن مواطنينا بأي لحظة كانت.

 

وإن اعتقد أحد أن هذا المطلب مبالع فيه, فعليه أن ينظر إلى الحارة التي نعيش فيها, إلى لبنان, وهو دولة منهارة تحكم من قبل حزب الله. عليه أن ينظر إلى سوريا, حيث ذبح حكم قاتل نصف مليون من مواطنيه. عليه أن ينظر إلى أفغانستان وليبيا وإيران.

 

تستطيعون أن تطلبوا منا أن نعيش وفقا للقيم المنصوصة في ميثاق الأمم المتحدة ولكنكم لا تستطيعون أن تطلبوا منا أن نموت من اجلها. نريد أن نعيش بسلام ولكن بشرط أنه يعطينا الأمن ولا يعرضنا لخطر أكبر.

 

أنظروا إلى غزة. إسرائيل فعلت في غزة كل ما طلبه العالم منا, بما في ذلك من هذا المنبر. فككنا المستوطنات والقواعد العسكرية قبل 17 عاما. ليس هناك حتى جندي إسرائيلي واحد في غزة. حتى تركنا لهم 3000 دفيئة كي يستطيع سكان غزة بناء اقتصاد خاص بهم.

 

وماذا فعل سكان غزة في المقابل؟ خلال أقل من عام, حماس وهو تنظيم إرهابي قاتل استولى على الحكم ودمر الدفيئات وأنشأ على أنقاضها قواعد إرهابية ومواقع اطلاق صواريخ. منذ أن تركنا عزة تم اطلاق أكثر من 20 ألف صاروخ منها على إسرائيل. جميعها أطلقت على سكان مدنيين. على أطفالنا.

 

لي بنت لها احتياجات خاصة. اسمها ياعيلي. هي مصابة بالتوحد ولا تتكلم. اضطررت لإيقاظها في الساعة الثالثة ليلا وأن أركض معها إلى الملجأ لأن صواريخ انفجرت فوق منزلي.

 

هؤلاء الذين يعظون لنا عن أهمية السلام, فليتفضلوا بالركوض إلى الملجأ في الساعة الثالثة ليلا مع طفلة لا تتكلم وبالشرح لها بدون كلمات لماذا يريدون قتلها.

 

سألوا في هذه البناية أكثر من مرة لماذا لا نرفع القيود عن غزة. نحن مستعدون للقيام بذلك صباح غد. نحن مستعدون للقيام بأكثر من ذلك. أقول من هنا لأهالي عزة – نحن مستعدون أن نساعدكم في بناء حياة أفضل واقتصاد. عرضنا خطة شاملة لإعادة اعمار عزة. لنا شرط واحد فقط: توقفوا عن اطلاق الصواريخ على أطفالنا.

ضعوا سلاحكم أرضا ولن تكون هناك قيود. ضعوا سلاحكم أرضا وأعيدوا أبنائنا الأسيرين هدار وأورون رحمهما الله وأفيرا وهشام الحيين وسنبني معا اقتصادكم.

 

نستطيع أن نبني معا مستقبلكم في غزة وفي الضفة الغربية. ضعوا سلاحكم أرضا واثبتوا لنا أن تنظيمي حماس والجهاد الإسلامي لن يستوليا على الدولة الفلسطينية التي تريدون إقامتها. ضعوا سلاحكم أرضا وسيكون هناك سلام.

 

هذا هو الحد الأدنى الذي أنا مدين لجدي ولوالدي ولابنتي. الشعب اليهودي تعلم عبر الماضي. ما يضمن أمننا هو قوة جيشنا ورقي اقتصادنا ومتانة ديمقراطيتنا.

 

إسرائيل معنية بتحقيق السلام مع جيراننا, مع كل جيراننا. لن نذهب إلى أي مكان آخر. الشرق الأوسط هو بيتنا. نحن باقون هنا لأبد الآبدين. وندعو جميع الدول الإسلامية – من السعودية إلى اندونيسيا, أن تعترف بذلك وأن تتحدث معنا ويدنا ممدودة للسلام.

 

الصراعات لا تختفي من تلقاء نفسها. العداوة لا تختفي من تلقاء نفسها. البشر يخلقون الصراعات وهم يستطيعون أيضا أن يبدلوها بالصداقة والكرامة والخير المشترك.

 

عبء الاثبات لا يعق على عاتقنا. نحن قد اثبتنا رغبتنا في السلام. معاهدة السلام مع مصر تنفذ بحذافيرها على مدار 43 عاما. معاهدة السلام مع الأردن قائمة منذ 28 عاما. نحن دولة تفي بكلمتها وتلتزم باتفاقيات.

 

أثبتنا رغبتنا في السلام من خلال اتفاقيات ابراهيم وقمة النقب والاتفاقيات التي ابرمناها مع العالم العربي.

 

في سفر باميدبار (العدد) ترد آية يعرفها كل يهودي: "يرفع الرب وجهه عليك ويمنحك سلاما". دولة إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي أنشأها كتاب. سفر الأسفار – التناخ.

 

هذا الكتاب وقواعد الديمقراطية الليبرالية تلزمنا بمد يدنا للسلام. تاريخنا يلزمنا بالقيام بذلك بشكل حذر. هكذا حققنا السلام سابقا, هكذا نحقق السلام مستقبلا.

 

شكرا جزيلا".

 

مع خالص تحياتي,

 

أوفير جندلمان

المتحدث باسم رئيس الوزراء للإعلام العربي

heightقد يهمك ايضا