ما أسرع مضيّ أيام رمضان وانقضاء لياليه؛ فالبارحة استبشرت القلوب وفرحت بقدوم رمضان ولهجت الألسنة بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الشهر ورأى الهلال: "اللهم أهلّه علينا باليمن والإيمان والسلامة والإسلام، ربي وربك الله.
وها نحن اليوم ومع أول أيام العشر الأواخر ولياليها نقول: مهلا رمضان.. فما زلنا لم ننهل من دروس وعبر وأسرار وأنوار أيامك ولياليك، وما زلنا لم نرتوِ من ينابيع الرحمة وأنهار المغفرة وأنوار الجمال.
ولعلي في هذا المقام أوصي إخوتي وأخواتي ونفسي المقصرة في جنب الله، رغم بداياتنا الخجولة وتقصيرنا في الطاعات في بداية رمضان وما قبل رمضان، أوصي بالجدّ والاجتهاد في آخره علّه يجبر ما فات ويعوّض ما مضى. يقول ابن رجب الحنبلي، رحمه الله: "فإن العبد الموفق من أدرك أن حسن النهاية يطمس تقصير البداية، وما يدريك لعل بركة عملك في رمضان مخبّأة في آخره، فإنما الأعمال بالخواتيم"، هذا على وجه عام؛ فكيف إذا كان رمضان؟ وكيف إذا كانت العشر الأواخر؟
عَشرٌ تَجَلَّت وَالزَّمَانُ تَعَطَّرَا
وَالكَونُ جَلجَلَ بالأذَانِ وَكبَّرَا
وَالنَّفسُ تَاقَت لِلصَّلَاحِ وَلِلتُّقَىٰ
فِي العَشرِ إنَّ الخَيرِ هلَّ وَأمطَرَاْ
إنها العشر الأواخر، العشر الذهبية التي يترقبها المسلمون بشوق عظيم، كيف لا وفيها ليلة القدر وهي خير من ألف شهر، أي أفضل من ثمانين سنة تقريبا، فيها تتنزّل الملائكة، وفيها يتنزّل الروح الأمين جبريل، عليه السلام، إنها ليلة تحراها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فاعتكف العشر الأوائل باحثا عنها، ثم اعتكف العشر الأوسط، باحثا ومتحرّيا لها، ثم اعتكف العشر الأواخر، روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم اعتكَف العَشْرَ الأُوَلَ مِن رمضانَ ثمَّ اعتكَف العشْرَ الأوسطَ في قبَّةٍ تُركيَّةٍ على سُدَّتِها قطعةُ حصيرٍ، قال: فأخَذ الحصيرَ بيدِه فنحَّاها في ناحيةِ القبَّةِ، ثمَّ أطلَع رأسَه يُكلِّمُ النَّاسَ فدنوا منه فقال: "إنِّي اعتكَفْتُ في العَشْرِ الأُوَلِ ألتمِسُ هذه اللَّيلةَ، ثمَّ اعتكَفْتُ العَشْرَ الأوسطَ، ثمَّ أُتيتُ فقيل لي: إنَّها في العَشْرِ الأواخرِ؛ فمَن أحَبَّ منكم أنْ يعتكِفَ فليعتكِفْ"، فاعتكَف النَّاسُ معه، قال: "وإنِّي أُريتُها، وإنِّي أسجُدُ في صبيحتِها في طينٍ وماءٍ"، فأصبَح مِن ليلةِ إحدى وعشرينَ وقد قام إلى صلاةِ الصُّبحِ، فمطَرتِ السَّماءُ، فوكَف المسجدُ، فأبصَرْتُ الطِّينَ والماءَ، فخرَج حينَ فرَغ مِن صلاةِ الصُّبحِ وجبينُه وأنفُه في الماءِ والطِّينِ، فإذا هي ليلةُ إحدى وعشرينَ مِن العَشْرِ الأواخرِ (رواه مسلم في صحيحه).
مَضَىٰ الثُّلثَانِ يَا قَلبَاهُ فَالْحَق
عَلىٰ الثُّلثِ الأخَيرِ مِنَ السِّبَاقِ!
أمَامَكَ لَيلَةٌ عَن ألفِ شَهرٍ..
مُخَبَّأةٌ لَدَىٰ العَشرِ البَوَاقِي!
رَجَوتُكَ يَا إلَٰهَ الكَونِ ثَوبًا..
يُوَارِي سَوءَتِي يَومَ المَسَاقِ.!
إنها أيام اجتهد فيها النبي أيّما اجتهاد، قالت عائشة رضي الله عنها: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهده في غيره" (رواه مسلم).
بل كان يحث صلى الله عليه وسلم أهل بيته ويوقظهم، فيحيي الليل كله بأنواع العبادة من قيام وذكر وتلاوة ودعاء، تقول عائشة رضي الله عنها: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر الأواخر أحيا الليل وأيقظ أهله وجد وشد المئزر" (رواه مسلم).
يقول ابن رجب الحنبلي، رحمه الله: ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بقي من رمضان عشرة أيام يدع أحدا من أهله يطيق القيام إلا أقامه.
وأما عن جوده وصدقاته؛ فكان صلى الله عليه وسلم كالريح المرسلة، وأما القرآن فله قصة أخرى في رمضان، فقد كان جبريل عليه السلام يعارض رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن في رمضان، وفي العام الأخير عارضه القرآن مرّتين.
حتى نحقق أكبر فائدة من هذه الأيام المباركة ينبغي علينا الاجتهاد في الطاعات والابتعاد عن الغفلة، وعلينا أن نتقرّب إلى الله بما تقرّب به رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الله تعالى في هذا الشهر المبارك وفي هذه الأيام والليالي الغاليات، وها هي عائشة رضي الله عنها لما أدركت قيمة هذه الأيام والليالي المباركات سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، أرأيت إن وافقْتُ ليلة القدر؛ ما أقول فيها؟ قال: "قولي: اللهم إنّك عفوٌّ تحبّ العفو فاعْفُ عني".
إنها كنز عظيم لا ينبغي التفريط فيها ولا إغفالها، فاستدركوا في آخر شهركم ما فات من أوله، وأحسنوا الختام فالأعمال بالخواتيم، ومن أحسنَ فيما بقي غُفر له ما مضى، ومن أساء فيما بقي أُخذ بما مضى وما بقي، فأروا الله من أنفسكم الجدّ والاجتهاد، لعلّنا نتعرّض لنفحة من نفحات ربّنا فنُكتب من الفائزين.
هي العشرُ الأواخرُ فاقْتحِمها
ولا تركن إلى الفَرشِ الوثيرِ
فشُدَّ لها المآزرَ واغْتنِمها
فإن الفوزَ في الشوطِ الأخيرِ
اللهم إنك عفوٌّ تحبّ العفو فاعْفُ عنّا.. اللهم أعتق رقابنا ورقاب آبائنا وأمهاتنا وأزواجنا وأبنائنا وبناتنا ومَن له حقّ علينا مِن النّار..
اللهمّ أعد علينا رمضان أعواما عديدة وأزمنة مديدة ونحن في صحة وعافية وحياة سعيدة وجميع المسلمين.. اللهمّ آمين.
فهد العملة : القمة العالمية للابتكار نجحت بإمتياز بحضور لافت وتوصيات هامة . * الشبكة العربية للابداع والابتكار تطلق جائزة الابتكار العربي* الشبكة تترأس منصة...
أعلنت شركة غوغل أنها ستتوقف عن دعم "Google Assistant" على هواتف أندرويد، مستبدلةً إياه بمساعد الذكاء الاصطناعي...
في خطوة جديدة تعكس طموحاتها للمنافسة في سوق الفيديوهات القصيرة، تدرس شركة "ميتا"، الشركة الأمّ لمنصّات...
يعمل في الصناعات التكنولوجية العالية 1.4% فقط من الموظفين العرب، مقابل 12.6% من الموظفين اليهود، كما تبين في...
ما أسرع مضيّ أيام رمضان وانقضاء لياليه؛ فالبارحة استبشرت القلوب وفرحت بقدوم رمضان ولهجت الألسنة بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الشهر ورأى الهلال:...
قام أفراد شرطة مركز جبل الزيتون التابعة لمركز شرطة شاليم، في مديرية "كدم" في لواء...
قاعدة بيانات محوسبة جديدة تطلقها سلطة الابتكار لرصد الإمكانيات المتوفرة في...
فهد العملة : القمة العالمية للابتكار نجحت بإمتياز بحضور لافت وتوصيات هامة . * الشبكة العربية للابداع والابتكار تطلق جائزة الابتكار العربي* الشبكة تترأس منصة...
أعلنت شركة غوغل أنها ستتوقف عن دعم "Google Assistant" على هواتف أندرويد، مستبدلةً إياه...
في خطوة جديدة تعكس طموحاتها للمنافسة في سوق الفيديوهات القصيرة، تدرس شركة "ميتا"،...
يعمل في الصناعات التكنولوجية العالية 1.4% فقط من الموظفين العرب، مقابل 12.6% من...