اغلاق

تلخيص عام 2020 في البورصة

WAZCAM, تم النشر 2021/02/01 13:00

تلخيص عام 2020 في البورصة

التقارير الأولى التي وصلت من الصين إلى دول العالم حول انفلونزا جديدة وغامضة لم تؤثّر على الاقتصاد وأسواق المال، ولم يعتقد أحد بأن أكبر أزمة صحّية عالمية خلال الـ100 عام الأخيرة تدقّ أبوابنا جميعًا.

خلال شهر شباط انتشر الوباء في أوروبا وأوقع الكثير من الضحايا، وعندها انتقلت أسواق المال بسرعة من اللامبالاة إلى الهستيريا.

 في غضون عدّة أسابيع من الغموض غير المسبوق الذي سبّبه هذا الوباء الشيطاني، الذي لا يمكن مواجهته إلا عن طريق إغلاق المرافق الاقتصادية، تهاوت البورصات في الولايات المتحدة وأوروبا واسرائيل بنسبة 35% بالمتوسّط. كذلك انخفضت أسواق سندات الدين بشكل حادّ وانهارت أسعار النفط بنسبة 70%. كما سجّلت أسعار العملات تقلّبات غير مسبوقة. وفي هذه المرحلة قامت حكومات دول العالم، وبالتعاون مع البنوك المركزية، باتخاذ مجموعة من الخطوات السريعة والصارمة، بعضها غير مسبوقة، هدفها ضخّ مبالغ هائلة إلى الأسواق من أجل ضبط واستقرار الاسواق المالية ومنع كارثة اقتصادية.

ابتداء من الرّبع الثاني من العام الجاري عادت أسواق المال إلى الارتفاع التدريجي، ولكن نسبة الارتفاعات لم تكن متجانسة، وعكست التغييرات الدراماتيكية التي حدثت في العالم. وقد "استفادت" قطاعات معيّنة من الوضع الجديد الذي فُرض علينا، حيث كانت أسهم هذه القطاعات الأولى من بين الأسهم التي استردّت خسائرها، وفي بعض الأحيان ارتفعت أسهمها لتصل إلى أرقام قياسية جديدة. يدور الحديث عن قطاعات مثل: شبكات التسويق، مشتريات "أون لاين"، منتجات الصحّة والنظافة، الترفيه والثقافة عبر الانترنت وشركات تعمل في مجال التكنولوجيا التي "تجيد" العمل في ظروف التباعد الاجتماعي والإغلاق. وبالمقابل، فإن أسهم شركات "الاقتصاد القديم"، مثل: البنوك، العقارات، الطاقة التقليدية، السياحة والطيران، لم تستطع مواجهة التباعد الاجتماعي والاغلاق وواجهت صعوبات في استرداد عافيتها والانتعاش.

فعلى سبيل المثال: الهبوط الحادّ في أسواق الأسهم بدأ في منتصف شهر شباط واستمر نحو 5 أسابيع. في هذه الفترة انخفض مؤشّر الأسهم الرائد في الولايات المتحدة أل 500 S&P بنحو 30%، وانخفض قطاع التكنولوجيا بحوالي 30%، مؤشّر الأموال انخفض بـ 45% تقريبًا، ومؤشّر الطاقة انخفض بحوالي 55%، فيما انخفض مؤشّر شركات الطيران بنحو 60%.

حتى نهاية شهر أكتوبر انخفض مؤشّر الـ  S&P500 بنسبة 3% فقط، مقارنة مع بداية الأزمة. مؤشّر التكنولوجيا نجح في استرداد خسائره، وسجّل ارتفاعًا بنسبة 9% تقريبًا، أما مؤشّر الأموال فقد تحسّن كثيرًا، ولكنه لا يزال يعكس انخفاضًا بنسبة 22% تقريبًا، فيما لا تزال مؤشّرات الطاقة والطيران تواجه صعوبة كبيرة وتسجّل انخفاضًا بحوالي 45%، لكل منها.

مؤخرًا، ارتفع منسوب التفاؤل في الأسواق بشكل حادّ، وكذلك الأمر بالنسبة للقطاعات التي شهدت بعض التأخّر حيث عادت لترتفع. وقد تلقّت الأسواق "حُقنة منشّطة" مهمة في بداية شهر تشرين الثاني، وذلك بفضل عدّة عوامل أدّت إلى ارتفاع منسوب الوضوح في الأسواق.

وقد أدّت نتيجة الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة-وهي أكبر اقتصاد في العالم-إلى إزالة الغموض، وهو العدوّ رقم 1 لسوق المال، من البورصة الأكبر والأكثر تأثيرًا في العالم.

الأخبار السارّة حول تطوير لقاح ضد الكورونا ومعطيات اقتصادية كثيرة تشير إلى حدوث أضرار أقل من المتوقّع في الاقتصاد العالمي، كل هذه الأمور دفعت الاسواق نحو الأمام قبيل نهاية العام الحالي.

وفي اسرائيل يجب أن نذكر اتفاقيات التطبيع مع الامارات العربية الموحّدة والبحرين ووجود إشارات أولية إلى اتفاقيات أخرى في الطريق ربما مع السعودية.

القوّة والمتانة التي يتمتّع بها الاقتصاد المحلي، إلى جانب اتفاقيات السلام، وليس فقط الهايتك، ساهمت وستساهم في تعزيز الشيكل في 2021 أيضًا. ومن شأن السلام مع السعودية أن يؤدّي إلى أن يصبح سعر الدولار 2 شيكل.

وقد سجّلت دولة إسرائيل نتائج اقتصادية جيدة نسبيًا، مع مسّ قليل بالناتج القومي، مقارنة مع الاقتصادات المتطورة في العالم. ويعود ذلك إلى الحصّة المنخفضة لقطاع السياحة من الناتج القومي (حوالي 3%) وقطاع التكنولوجيا القوي الذي زاد من الصادرات على ضوء الطلب المتزايد في العالم على خدمات "السّحابة"، التطبيقات، حلول الدفع الديجيتالي، السايبر وغيرها.

مع اقتراب نهاية السنة، نجحت معظم مؤشّرات الأسهم في البلاد والعالم في تجاوز مستواها قبل الأزمة، وعادت أسعار البضائع إلى الارتفاع، وقامت الكثير من الأجسام والشركات بحتلنة توقّعاتها لعام 2021 نحو الأعلى. وإذا نجح العالم في التغلّب على الأزمة الصحّية والعودة إلى الحياة "الطبيعية" يمكن أن نفترض بأن الأسهم التي تضرّرت كثيرًا من الأزمة ستكون هي "المستفيدة" الأكبر من ذلك.

وماذا بعد؟

يمكن القول بأن مُجريات الأحداث في العام 2021 تتعلّق بشكل كبير بوقت وصول التطعيمات إلى السوق، بسرعة توزيعها في العالم، وبمدى نجاعتها وفعّاليتها واستعداد الجمهور لتلقّي التطعيمات. ومع ذلك، حتى في أكثر السيناريوهات تفاؤلًا، سيحتاج الاقتصاد الواقعي إلى وقت آخر لاسترداد عافيته والانتعاش، وهذا خلافا لأسواق المال التي تعكس بسرعة التوقّعات المستقبلية لفترة ما بعد الكورونا.

في بعض الدول، سيكون الناتج القومي للفرد في آخر 2021 أقل من الناتج في عام 2019، وستبقى نسبة البطالة أعلى مما كانت عليه قبل الأزمة وقد يستمر ذلك لعدة سنوات. وبالذات الصين التي بدأ فيها الوباء ستكون من الدول القليلة في العالم التي ستسجّل نموًا ايجابيًا في 2020. لذلك، ستستمر الحكومات والبنوك المركزية بدعم الاقتصاد الواقعي، خصوصًا عن طريق الفائدة المنخفضة التي ستبقى كذلك لمدة 3 سنوات تقريبًا.

وقد أدى -وسيؤدي-ضخّ الأموال الهائلة من الحكومة إلى الأسواق لمواجهة الوباء، إلى جانب الفوائد المنخفضة، إلى خفض قيمة الأموال (لا توجد فوائد) وتفضيل واضح للاستثمار في العقارات الخطيرة أكثر-خاصةً في الأسهم وحتى البضائع التقليدية، الطاقة والغذاء، مجالات السايبر، الطاقة المتجدّدة، الصناعات التقليدية في الشرق الأقصى والبضائع ستستمر في الارتفاع بوتيرة سريعة في بورصات العالم. وقد كان من شأن التضخّم المالي أن "يرفع رأسه" نتيجة طبع مبالغ هائلة من الأموال، إلا أن النجاعة التكنولوجية الآخذة بالتوسّع في كل مجال-الزراعة والمياه، الاتصالات، الغذاء والصناعات التقليدية وليس فقط الهايتك، هي المفتاح لخلق قيمة جديدة بعد عصر الكورونا، قيمة قد تساعد في إعادة الديون الهائلة التي راكمناها، خاصةً الحكومات في عصر الكورونا. نحن نعايش قيمة جديدة في عدة مجالات-التطعيم ضد الكورونا، التطويرات التكنولوجية الجديدة، انتاج قيمة كبيرة من مصادر الطاقة النظيفة، الرياح والشمس، واستثمارات ضخمة لإدخال التكنولوجيا إلى كل مجالات حياتنا، هذه المجالات وغيرها تشكّل قيمة جديدة لإعادة ديون الحكومة في أعقاب أزمة الكورونا.

قال ونستون تشرتشل: "لا تسمح لأزمة جيدة أن تذهب سدى". وقد أثبتت أزمة الكورونا أهمية هذه المقولة، فالشركات التي كان لديها ردّ فعل سريع على التغيير، وقامت بتنجيع العمل وادخال التكنولوجيات الجديدة، واستجابت لرغبة الزبائن، خرجت أقوى من الأزمة.

لقد أدّت الكورونا إلى تباطؤ وتيرة المراحل والعمليات-"رقمنة" وتنجيع والعمل عن بُعد في كل مجال من حياتنا، وليس في مجال الهايتك فقط. وعند اختفاء الكورونا من حياتنا، سيبقى معنا جزء من التغييرات التي جلبتها إلى حياتنا.

على مستوى الفرد: ربما توفير أكبر، حذر شديد في مجال المصاريف، استهلاك ذكي وتخطيط أفضل للمستقبل.

على مستوى الاقتصاد كله: ربما سيكون ربحنا من الأزمة على شكل شركات تجارية وأجسام حكومية تتميّز بالتفكير الإبداعي والتشغيل الأكثر مرونة، وهذا يعني القدرة على ردّة الفعل، وسيكون التجاوب بسرعة وبنجاعة مع الواقع المتغيّر مفهومًا وراسخًا من خلال النموذج التجاري والاستراتيجية المتّبّعة في الشركة أو المنظمة.

وكما يمكننا القول إن أزمة الكورونا ستختفي، كذلك يمكننا القول إن الأزمة القادمة هي في الطريق إلينا، لا يمكن أن نعرف متى ستصل هذه الأزمة، وماذا سيكون جوهرها وشكلها، أو كيف ستتغيّر حياتنا. فقط يمكن القول إن هذه الأزمة آتية لا محالة.

 

 

*لا يجب اعتبار هذا المستند والتحليل و/أو المعلومات المشمولة فيه عرضًا أو استشارة لشراء و/أو بيع و/أو حيازة أية أوراق مالية و/أو عقارات مالية، أو توصية للاستثمارات في أية مسارات معينة. المذكور في هذا الاستعراض يعكس آراء وتقديرات مُعِدّي الاستعراض بهدف تزويد المعلومات فقط ويقدّم كمادة خلفية فقط، التحليل المذكور في هذا المستند تم بالارتكاز على معلومات تم نشرها و/أو كانت متاحة لكل الجمهور ومعلومات أخرى. هذا الاستعراض لا يشكّل أي مرجع و/أو موافقة على مصداقية وصحّة المعلومات. المذكور أعلاه لا يشكّل، بأي شكل من الأشكال، بديلًا للاستشارة في مجال الاستثمارات، التي تأخذ بالحسبان المعطيات والاحتياجات الخاصّة لكل شخص.

 

heightقد يهمك ايضا